قضية التعلم بالوسائط المتعددة:
وعندما أدى استحداث تقنية الحاسوب إلى
تفجر الإمكانيات البصرية لعرض المادة، وتوفرت مكتبات مكتظة بالصور الثابتة والرسوم
الحركية الجذابة من صور متحركة وأفلام فيديو، أصبح من المفيد في ضوء السلطة
المتزايدة لرسوم الحاسب أن نتساءل فيما إذا كان قد حان الوقت لتطوير الرسائل
التعليمية والخرج بها من الإطار اللفظي البحت. فما هي نتائج إضافة الصور إلى
الكلمات؟ ما الذي يحدث عندما تحتوي الرسائل التعليمية على طريقتي التعليم اللفظية
والبصرية؟ ما الذي يؤثر في طريقة تعلم الناس من الكلمات والصور؟
وبالاختصار، كيف يستطيع العرض بالوسائط
المتعددة دعم التعلم المجدي؟ يهدف هذا الكتاب إلى الإجابة على هذه الأسئلة.
تعتمد قضية التعلم بالوسائط المتعددة
على أنه ينبغي تصميم الرسائل التعليمية في ضوء طريقة عمل العقل الإنساني.
فلنفترض أن لدى الأنسان نظامين لمعالجة
المعلومات – أحدهما للمادة اللفظية والآخر للمادة البصرية. إن التبرير المنطقي
للعروض بالوسائط المتعدد – أي لعرض المادة بالكلمات والصور – هو أن نستفيد من كامل
مقدرة الانسان على معالجة المعلومات. فإذا أقررنا بأن الشكل الأساسي لعرض المادة
التعليمية لفظي، وعرضنا المادة بالشكل اللفظي فقط، فإننا عندئذ نهمل طاقتنا
الكامنة القادرة على المعالجة البصرية أيضاً للمعلومات.
ما الذي يجعل استخدام قناتين أفضل من
استخدام قناة واحدة؟ هناك سببان: التبرير الكمي والتبرير النوعي.
يستند التبرير الكمي إلى أن المادة
التي يمكن عرضها على قناتين تفوق المادة التي يمكن عرضها على قناة واحدة – مثلما
أن حركة السير على مسارين أكثر مما هي على مسار واحد فقط. وفي حالة شرح طريقة عمل
مكابح السيارة مثلاً يمكن أن يكون الشرح بواسطة الكلمات أو بواسطة الصور
والرسومات. أما عرض الموضوع بالطريقتين معاً فهو بمثابة عرض المادة نفسها مرتين،
مما يعطي المتعلم الفرصة لتلقي المعلومة مرتين. وعلى الرغم من أن التبرير الكمي
يبدو حسناً إلا أنني أرفضه أساساً لأنه ناقص. ويهمني بشكل خاص مناقشة الادعاء
القائل بأن القناتين اللفظية والبصرية متساويتان – بمعنى أن الكلمات والصور
طريقتان متكافئتان لعرض نفس المادة.
بالمقابل، يستند التبرير النوعي إلى أن
الكلمات والصور مختلفة بالنوعية إلا أنها يمكن أن تكمل بعضها البعض.
ويتحقق للمتعلم الفهم عندما يتمكن ذهنه
من دمج التمثلات اللفظية والبصرية معاً.
وكما ترون فإن التبرير النوعي يفترض أن
القناتين ليستا متكافئتين: فالكلمات تفيد في عرض أنواع معينة من المواد مثل
التمثلات المجردة التي تحتاج ترجمتها إلى جهد أكبر في حين أن الصور أكثر فائدة في
عرض أنواع أخرى من المواد، مثل التمثلات البدهية الطبيعية. وبالاختصار فإن صورة
واحدة لا تعادل بالضرورة 1000 كلمة (أو أي عدد آخر من الكلمات).
إن أهم ما يستند إليه التبرير النوعي
هو أن الفهم يحدث عندما يتمكن المتعلم من بناء صلات وروابط بين التمثلات اللفظية
والبصرية- كما يحدث عندما يرى المتعلم معنى كلمات "يتحرك المكبس إلى الأمام
في الاسطوانة الرئيسية" مصوراً في الرسوم المتحركة التي تشرح عمل مكابح
السيارة. وعندما يربط المتعلم بين الكلمات والصور يتولد لديه فهم أعمق مما لو تلقى
كلمات فقط أو صور فقط. وهذه الفكرة هي أساس النظرية المعرفية للتعلم بالوسائط
المتعددة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق